الاثنين، 7 مايو 2018




**** فلسفة الواحد *****

* أمجد سيجري 
تعاملنا في المقال السابق مع الصفر كمفهوم فلسفي يعبر عن إجتماع الأضداد والمتناقضات لتكوين مفهوم كلي مثالي يعبر عن الكمال فنجد على سبيل المثال الصفر يتم من جمع التناقض كما في المثال العددي
[1 + (-1) = 0] كما يمكن ان نشاهد هذا التناقض في ابسط مكونات الوجود وهي الذرة المتعادلة عبر تساوي عدد البروتونات (+) في النواة مع الإلكترونات (-) التي تسبح في فلك النواة مع تعاكسهما في الشحنة مما يؤدي الى الشحنة صفر ومن هذا التعادل البسيط، كان الوجود في اعقد مكوناته فالوجود كله قائم على النتناقض السالب والموجب الذكر والانثى.

و بين الصفر و الواحد نجد المجال الإحتمالي [0 , 1] فنجد كل الاعداد الموجودة و التي يمكن ان نتخيلها في الوجود موجودة على شكل كسور بشرط ان يكون البسط اصغر من المقام وهذا الوجود هو المسار الذي يحكم التفكير والقناعات والاحكام الانسانية من :
- المستحيل 0
- الى الشك a/b حيث البسط اصغر من المقام
- إلى اليقين 1

ومن الصفر كان الواحد المفرد هذا الواحد المثالي التواق للبداع والخلق عبر الإتصال بين العالم المادي والعالم اللامادي فكان عبارة عن نقطة مميزة بموقعه فهي متساوية البعد عن محيط الدائرة الصفرية المثالية الكاملة فالمركز هو ادق مثال عن العدل الإلهي المعبر عن المسافة الواحدة بين مكونات الوجود واللاوجود في التعادل الصفري للكون وليس غريباً ان تكون هذه الدائرة والمركز ⊙ كالبيضة والنطفة رمزاً فلكياً للشمس للدلالة عليها وهي منشأ الوجود في الفلسفات الدينية القديمة وممثل للإله الأوحد في بعض الديانات.

فنجد مثالاً هاماً على هذا الكلام في الفكر المسيحي الغنوصي حيث يشبه الواحد بالشمس الذي ينبعث منه الضوء دون تمييز دون أن يتناقص نفسه أو ينعكس في مرآة ولا يتلاشى انما يتغير من شكل لأخر.

كما نجد هذا السر بين الصفر والواحد في لغة (0 ، 1) فقد تماهى الانسان مع تجربة الخلق والأبداع عبر النظام الثنائي للعد فكان الوجود الرقمي الافتراضي الذي اتواصل معكم عبره عبر خلق البت Bit الذي يعبر عن نبضة كهربائية تأخذ قيمتين 0 و 1 ومن هذا البت تخلق عوالم افتراضية خيالية لايمكن ان يتصورها عقل او عوالم افتراضية محاكية لعالمنا المادي وتنحو نحوه.

نعود للفيزياء تمهيداً للدخول في الفلسفة يعتبر العلماء أن أول عنصر كيميائي تكون منه الوجود عبر الإنفجار الكبير هو الهيدروجين العدد الذري 1 ثم الهيليوم ثم القليل من الليثيوم والمثير أن العدد الذري للهيدروجين هو 1 "وهذا العدد يعبر عدد البروتونات في نواة مع أو عدد الإكترونات التي تدور في مدار نواة الذرة المتعادلة " ومن اندماج ذرتي هيدروجين يكون لدينا الهيليوم ذي العدد الذري 2 ومن تفاعل تلو الآخر بالكثرة لهذه المكون الإلهي تنتجت ذرات العناصر الكيميائية الصرفة الأخرى التي نجدها في جدول التصنيف الدوري فمثلاً الليثيوم 3 والحديد 26 و الرصاص 82 ..... الخ التي تعد الأحرف الأبجدية لمكونات الوجود الكوني مع ملاحظة أن هذه التفاعلات هي تفاعلات نووية تحدث يومياً في شموس الكون المخلفة وإن كان بمعدل أبطأ من الانفجار الكبير الذي خلق الوجود مع ملاحظة أن الهيدروجين والهيليوم يشكلان 98% من المادة في الكون.


فسلفة الواحد :

يعتبر الواحد كلاً كاملاً لا يحتوي على أي تقسيم أو تعددية أو جزئية فهو كامل بذاته يعبر عن العقل الإلهي المبدع والذي يعتبر صلة الوصل بين الوجود واللاوجود لكنه لوحده لايمكن ان يخلق الوجود انما بتطوره وكثرته ونموه عبر اللوغوس ينتج هذا الوجود المادي الذي هو اقل مثالية منه.
اي يمكن ان يعتبر الواحد ممثلاً للمُبدع الإلهي الاول " العقل الكلي " و الذي يعبر عن الارادة الخيرة التي تحتوي كل قيم الخير والجمال التي تمثل القيم الاجتماعية العليا في المجتمع البشري والتي يسعى لها البشر والتي يعبر عنها المسلمون باسماء الله الحسنى لذلك نحن في عالم المادة ندرك هذا الواحد ولو كان ادراكاً جزئياً من خلال الجمال والخير كقيم عليا تحدد المنظومة الخلقية التي يمكن ان نقول انها فطرية لتقاطعها بين جميع المجتمعات البشرية.

اذا من خلال هذه الفلسفة المختصرة حول الواحد لنحاول تحليل رمزية الواحد التي تكاد ان تكون مشتركة بين عدد كبير من الانظمة العددية للشعوب المختلفة فنلاحظ اغلبها تتفق على الرمز " 1 ، ١ ، I ، | ، أ......
اذا هو عبارة عن خط عمودي مستقيم يصل بين العالم المادي والعالم الروحي المثالي للدلالة على سعي النفس البشرية للتخلص من العالم المادي للإرتقاء الى عالم المُثل والقيم العليا عن طريق التخلص من مغريات العالم المادي الدوني بما فيه من غرائزية وشهوانية وشرور عبر سلوك الطريق العمودي السوي المستقيم الذي يعبر عنه الواحد.

ملاحظة : ما ورد من معلومات علمية موجودة في مناهج الصف السابع فلا يعتقد البعض، انها محاولة مني لإعجاز القارئ بالمفاهيم الكبيرة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق