الاثنين، 7 مايو 2018



*** مقدمة في الفلسفة الإسماعيلية ***** 

* أمجد سيجري 
الإسماعيلية : وهي حركة فكرية فلسفية تنتمي إلى تيار الإسلام الشيعي .
لكن تختلف عن التيار الإثنى عشري الشيعي في خلق وتطوير خطاب فلسفي لتوضيح المعتقدات والمبادئ القرآنية والإسلامية.
تأثرت الفلسفة الأسماعيلية بالمدرسة الأفلاطونية مما دفع البعض لتسميتها بالأفلاطونية المحدثة لكن كرأي شخصي صحيح أن الإسماعيلية تأثرت بالأفلاطونية الأ انها خلقت لنفسها كياناً فلسفياً خاصاً يميزها عن غيرها من المدارس حتى غدت مدرسة خاصة لها مفاهيمها وخصائصها ومميزاتها.

تعود بدايات الفلسفة الإسماعيلية المبكرة في تاريخها إلى القرن الثامن ميلادي وتكاملت وتبلورت وأخذت مكانها كمدرسة فلسفية مستقلة ابتداءً من الفترة الفاطمية.
إن جميع التدوينات الخاصة بفلاسفة هذه المدرسة كانت باللغة العربية باستثناء الشاعر والفيلسوف والداعي ناصر خسرو فقد كان يؤلف باللغة الفارسية.

يمكن اعتبار الفكر الإسماعيلي هو المحرك الرئسي والمؤثر الأساسي على التيارات الفلسفية الإسلامية المعروفة و مُنشئ اللاهوت والتصوف الإسلامي الذي تم انشاؤه من قبل الإسماعيلية كموطئ قدم ضمن المذهب السني من خلال اخراج هذا المذهب من سطوة المادة نحو السمو الروحي.

اعتمدت الفلسفة الإسماعيلية في تفسير كتابها المقدس " القرآن "على التأويل والتاويل ينطلق من المبدأ الأساسي المسمى المثل والممثول والذي يفترض وجود معنى باطن للنص الظاهر .

- ارتبط التأويل بالمدرسة الفلسفية الإسماعيلية ومفاهيمها بالتالي خلق هذا المذهب الفكري جسراً يربط بين الفلسفة والدين فالفلسفة حسب الفكر الإسماعيلي تسعى إلى توسيع معنى الدين و الوحي المتحدد بظاهر النص القرآني المرمز عبر الدخول إلى جذر واعماق النص عن طريق هذه الرموز لاسترداد واخراج ما هو داخلي أو مخفي وهو ما سموه بالباطن و في نهاية المطاف يشترك هذا الباطن مع الفكر المتمثل بالعقل والروح للعمل بطريقة متكاملة لإستخراج الحقائق الروحية المتجردة من عالم المادة والحواس .

في فهم الكون :
يوضع الكوسمولوجي ( علم الكون) الإسماعيلي ضمن الإطار الأفلاطوني العام لكن مع خلق توليفة بين هذه المدرسة والقرآن يمكن اختصار الكوسمولوجي الإسماعيلي بالقول أن عملية الخلق تجري على عدة مستويات فكلمة " كن " منبعها الله الذي هو ﻭﺍﺣﺪ ﺑﺴﻴﻂ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﻻ ﻛﺜﺮﺓَ ﻓﻴﻪ ... ﻻ ﺧﺎﺭﺟﺎً ﻭﻻ ﻋﻘﻼً ﻭﻻ ﻭﻫﻤﺎً متعالي عن كل الصفات يعجز العقل عن ادراك كليته واللسان عن اطلاق اسمائه تمثل هذه الكلمة البداية للمستوى الاول وهو العقل الاول او العقل الكلي وصفته المبدع والذي يبدع النفس الكلية والتي تسمى ﺑﺎﻟﻤﻨﺒﻌﺚ ﺍﻻَﻭّﻝ
وﻇﻬﻮﺭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ جاء ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺮﻏﺒﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻜﻠﻲ . ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ تدنو ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺗﻨﺘﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺤﻬﺎ ﺑﻬﻴﺌﺔ ﺃﻧﻔﺲ ﺟﺰﺋﻴﺔ .
ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻧﻔﺲ الجزئية ﻻ تستطيع ﺃﻥ ترتقي ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﺪﻭﻥ مساعدته ﻭﺇﺭﺷﺎﺩﻩ .
لهذا ﻳﻨﺰﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ و يساعد تلك ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ و ﻳﺤﻞ بها ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺑﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ لكن ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺛﺎﺑﺘﺎً ﻻ ﻳﻌﺘﺮﻳﻪ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﺃﻭ يعتريه ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﺃﺻﺒﺢ هذا ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻳﺤﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻧﻔﺲ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﺣﻠﻮﻻ ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺎ ﻭﻫﻮ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﻳﺪﻋﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻨﺎﻃﻖ .
ﻭﻫو ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺳﻞ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﻳﺒﻌﺚ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻟﻴﺆﺩﻭﺍ ﺭﺳﺎﺋﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺇﺫ ﺗﺤﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻧﻔﺲ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﺗﺄﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻣﺎ ﻋﻤﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻬﻤﻪ ﻭﻏﺎﺏ ﻋﻨﻬﻢ ﻋﻠﻤﻪ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺳﻞ .

اذاً فإن حقبة الأنبياء بالنسبة لهذه الفلسفة تعكس النموذج الكوزمولوجي ، الذي يتكشف لاستعادة التوازن والانسجام المتأصل في نمط الخلق الإلهي فالأنبياء ، وبعدهم خلفائهم أي الأئمة لهم هدفهم من وجودهم وهو تأسيس مجتمع عادل فوظيفة النبي الناطق هي الشروع في اعلان بدء دورة المجتمع البشري والمسمى الدور وذلك عبر نطقه برسالة كعيسى ومحمد وموسى و الإمام يكمل مابدأه الناطق في تدريس وشرح ما جاء به النبي الناطق للحفاظ على هذا النظام على المستوى الاجتماعي والفردي.

- اعتُبر الفكر الإسماعيلي هرطقة و تم اختلاق الأساطير والحكايا عنهم و عن تعاليمهم نتيجة للتعصب وتغيب العقل ونبذ الفلسفة التي تعتبر حراماً من قبل الحركات الدينية المتعصبة الرجعية المغيبة للعقل المنطق والتي تقود المجتمع للعودة للسلف الصالح الذي لاندري ان كان صالحاً الا مما قد نقل الينا فكلما حاول هذا الدين الخروج من سطوة النص وماديته بخطوة للإمام يأتي الظلاميون ويرجعوه عشرات الخطوات للخلف .

نختم بكلام جميل لناصر خسرو أشهر الدعاة الإسماعيليين :

ﻫﻞ ﺳﻤﻌﺘﻢ. . . . . . . . ؟

نمت ﻧﺒﺘﺔ ﻳﻘﻄﻴﻦ ﺗﺤﺖ ﺷﺠﺮﺓ ﺑﺎﺳﻘﺔ ...

وﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻘﻂ نمت تلك اليقطينة ﻭﺃﻋﻄﺖ ﺛﻤﺮﺍً.....
ﻗﺎﻟﺖ ﺳﺎﺋﻠﺔ. . . " ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﻛﻢ ﻋﻤﺮﻙ " ؟

ﺭﺩﺕ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ : " ﺭﺑﻤﺎ مئتا سنة ... ﺑﻞ من المؤكد عمري ﺃﻛﺜﺮ .....

ﺿﺤﻜﺖ ﻧﺒﺘﺔ ﺍﻟﻴﻘﻄﻴﻦ ﻭﻗﺎﻟﺖ : " ﺍﻧﻈﺮﻱ ﻛﻴﻒ ﻓﻌﻠﺖ ﻭﺑﻌﺸﺮﻳﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻘﻂً ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻓﻌﻠﺖ بمئتي سنة ﻓﻠﻢ ﺃﻧﺖ ﺑﻄﻴﺌﺔ ﻫﻜﺬﺍ ؟ "

ﺟﺎﻭﺑﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ : " ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻴﻘﻄﻴﻨﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ إن ﻫﺬﺍ اﻟﻴﻮﻡ ﻳﻮﻡ ليس يوم الحساب ﺑﻴﻨﻨﺎ ".

" ﻓﻐﺪﺍً، ﺣﻴﻦ ﺗﻌﻮﻱ ﺭﻳﺎﺡ ﺍﻟﺨﺮﻳﻒ وتهب ﻋﻠﻴﻚ ﻭﻋﻠﻲَّ، ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ سنعرف ﻣﻦ سيصمد أكثر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق