الاثنين، 7 مايو 2018




*** حكاية أكيتو **** 

* أمجد سيجري 
- بالأكادية Akitu بالسومرية Akitum و هو رأس السنة السومرية / البابلية / الاشورية كان مهرجاناً للربيع يتم الإحفال به في الأول من نيسان من كل عام ويعتقد ان هذا العام يوافق الاكيتو رقم 6768 بدأً من اول احتفال اقيم بمناسبته رغم مخالفة البعض لهذا التاريخ ويترافق خلاله عدد من الطقوس و الإحتفالات الدينية كالزواج المقدس .
- كانت بداية الإحتفال به عند السومريين وأكيتو بالسومرية تعني موعد زراعة وحصد الشعير فكان موعد الإحتفال به موافقاً لزراعة الشعير في الربيع وكان هناك احتفال اخر في موعد حصاده اي في الخريف وعند انتقال العيد للبابلين اصبح احتفالاً لنصر مردوخ على تيامات و اشور من بعده حيث تحددت معالم الإحتفال وترسخت عاداته وتقاليده.

- كيف كان يتم هذا الإحتفال ؟

كان الإحتفال البابلي التقليدي يبدأ في 21 من آذار ( Adar ادار ) الى الاول من نيسان ( Nisannu نيسانو ) اي خلال 12 يوماً .
فكانت كل طبقات المجتمع تحتفل به ابتدأً من الملوك والكهنة وانتهاءً بالفلاحين العاديين.

- اليوم الأول الى اليوم الثالث :
كان الكاهن الاكبر ومعه بقية الكهنة يقرأون صلوات خاصة تسمى " سر Ésagila " في معبد مردوخ المسمى Ésagila ايساجيلا او ايساكيلا ويطلب من مردوخ الرحمة والمغفرة وحماية بابل المدينة المقدسة وكانت الناس تجيب لتلك الصلوات بالتضرع والخشوع الذي يحمل في طياته خوفاً من المجهول ومن تلك الصلوات التي كان يتلوها الكاهن :
- يا رب يامن ليس له نظير بغضبه . . . . . .
- يا رب يا من ليس له نظير بكرمه . . . . . .
- يا رب الأرض الخالق المخلص للآلهة العظيمة. - يا رب يامانح القوة من رؤيته . . . . . .
- يا رب الملوك ، نور الرجال ، ومحدد الاقدار.
- يا رب... بابل هي مقعدك ، وبورسيبا تاجك والسماء الواسعة جسدك ....
- من أذرعك يأخذون القوة .... ومن ظهرك تعطيهم نعمتك.
- اشفق على مدينتك بابل وولي وجهك للاسايكلا بيتك ومعبدك
- اعطي الحرية والامان لمن يسكن في بابل مدينتك .

في اليوم الثالث من الإحتفال وبعد قراءة الصلوات كما اليومين السابقين يقوم حرفيون بصناعة دميتين من الخشب والذهب والأحجار الكريمة ويلبسونها باللون الأحمر. و تم وضع هذه الدمى جانبا فسيتم استخدامها في اليوم السادس من الإحتفال.

- اليوم الرابع :
تعاد ذات الطقوس في الايام الثلاثة الماضية ابتداءً من قبل شروق الشمس و تتم بعدها قراءة ملحمة الخلق Enuma Elish و هي أقدم قصة تتعلق بميلاد الآلهة وخلق الكون والبشر تعرفنا عليها بمقالات سابقة ثم يشرح كيف توحدت كل الآلهة مع الإله مردوخ بعد فوزه على تيامات .

- في اليوم الخامس :
يدخل الملك البابلي إلى إيساجيلا برفقة الكهنة ، و يقتربون من المذبح حيث ينتحل كاهن الأيساجيلا شخص الإله مردوخ (Marduk) ثم يقترب من الملك ويبدأ في تجريده من مجوهراته وصولجانه وحتى تاجه ثم يصفعه الكهنة بقوة ليذرف الدموع كنوع من الخشوع لمردوخ .
يركع الملك في المذبح ثم يبدأ بالصلاة طلباً للمغفرة من مردوخ ويقول :
"انا لم أخطئ يا رب الكون ، ولم اتهاون في تقدير قوتك السماوية ابداً .
ثم يقول الكاهن الذي يجسد مردوخ :
"لا تخف من ما يقوله مردوخ ، فسوف يسمع صلاتك ، ويمد من قوتك ، ويزيد من عظمة عهدك"
بعد ذلك يقف الملك ويعيد له الكاهن مجوهراته وصولجانه وتاجه في رمز عن تجدد السلطة للملك كما هو الربيع تجدد للطبيعة والحياة .

بعدها يقيم الإله مردوخ (Marduk) في منزله الأرضي اي في معبد Esagila في بابل فكان الإعتقاد ان مردوخ (Marduk) وهو في مسكنه يدخل عليه ويفاجئه أعدائه من الآلهة الشريرة ثم يتم اسره من قبل تيامات وحش الفوضى.
ثم ينتظر مردوخ وصول ابنه الإله نابو الذي من شأنه أن ينقذه ويحرره ثم يستعيدة مجده.

-اليوم السادس:
سيتم حرق الدمى التي تم صناعتها في اليوم الثالث وستقام معركة وهمية كلها اضطراب وفوضى و هذا الاضطراب دلالة على ان الحياة في بابل بدون مردوخ ستكون في فوضى مستمرة.
عندها يصل الإله نابو في قوارب مع مساعديه من الآلهة الشجعان القادمة من نيبور ، أوروك ، كيش ، وإردو (مدن بابل القديمة). وتمثل الآلهة المرافقة للنابو تماثيل اقيمت على قوارب صنعت خصيصًا لهذه المناسبة.
هنا يبدأ الناس بأعداد كبيرة في المشي وراء ملكهم نحو إساجيلا حيث كان سجن مردوخ (Marduk) ، وهم يرددون :
"ها هو الأتي من بعيد ليعيد مجد والدنا المسجون".
- اليوم السابع :
يدخل نابو المعبد ليحرر والده مردوخ من سجنه فقد كانت الآلهة الشريرة قد أغلقت بوابة ضخمة عليت وحبسته خلفها .
يصل نابو (Nabu) يخترق تلك البوابة الضخمة و تجري معركة كبيرة تنتهي بنصر مردوخ وابنه ، يخرج نابو ويخرج مردوخ معه بالتالي يكون التحرير و إطلاق سراح مردوخ .

- اليوم في الثامن :
يتم جمع تماثيل الآلهة في قاعة القدر لدراسة مصير مردوخ يطالب الملك جميع الآلهة بتأييد وتكريم مردوخ وهناك تقرر جميع الألهة التوخد مع مردوخ واعطايه القوة المطلقة بالتالي تم تجديد القوة والولاء كنا هو الربيع يجدد الارض ايضاً .

- اليوم التاسع:
تسير مسيرة النصر إلى "بيت آكيتو" حيث يحتفل بنصر مردوخ في بداية الخلق على تيامات (Tiamat) (إلهة المياه السفلى). فقد كان موكب الانتصار هذا طريقة السكان في التعبير عن فرحتهم بتجديد مردوخ (فيما بعد الإله آشور) للسلطة وتدمير قوى الشر التي كانت تتحكم في بداية الحياة .

مع العلم أن بيت آكيتو كان يسمى في آشور و نينوى "بيت إكريبي" ويعني (بيت الصلاة) باللغة الآشورية القديمة وهو على بعد حوالي 200 متر خارج أسوار المدينة حيث كانت تلك المنطقة مليئة بالأشجار رائعة الجمال مزينة ومنمقة بعناية وذلك احتراماً للإله الذي يعتبر الشخص الذي يمنح الطبيعة الحياة والنضرة .

اليوم العاشر:
يبدأ الإله مردوخ بالاحتفال مع آلهة العالم العليا والعليا في "بيت أكيتو" حيث يتم ترتيب تماثيل الآلهة حول طاولة ضخمة كالمأدبة ثم يعود مردوخ إلى المدينة ليلا ليحتفل به بالزواج من الآلهة "عشتار" حيث تتحد الأرض والسماء وبالمقابل توحدت الآلهة فإن هذا الاتحاد مقدر على الأرض بين الملك و أعلى كاهنة في Esagila حيث كانوا يجلسون على العرش أمام السكان ويقرأون قصائد خاصة لهذه المناسبة. وهي ذاتها طقوس الزواج المقدس السومرية والتي راينها بزواج الكاهنة الشاعرة انخدوانا والملك شوسين ونتيجة لهذا الحب سيجلب الخصوبة للارض و لنساء المدينة بالتالي يحمل الحياة مع الربيع .

- اليوم الحادي عشر :
تعود الآلهة ومعهم ربهم مردوخ للقاء مرة أخرى في قاعة القدر ، حيث التقيا للمرة الأولى في اليوم الثامن وفي هذه المرة سيحددون مصير شعب مردوخ.
وفقاً للفلسفة الآشورية القديمة كان الخلق عموما يعتبر عهدا بين السماء والأرض بأن الإنسان يخدم الآلهة حتى موته بالتالي فإن سعادة الآلهة ليست كاملة إلا إذا كان البشر سعداء أيضا لهذا فإن مصير الإنسان أن يعطى السعادة بشرط أنه يخدم الآلهة.
لذلك يتفق مردوخ مع والآلهة على تجديد العهد مع بابل عن طريق منح المدينة دورة حياة أخرى من الفصول و بعد أن تقرر مصير البشرية ، يعود مردوخ إلى السماء.

- اليوم الثاني عشر اليوم الأخير من Akitu تعود الآلهة إلى معبد مردوخ وتكون بإعادة تعود التماثيل من بيت الأكيتو وتستأنف الحياة اليومية في بابل ونينوى وبقية المدن.
يبدأ الناس بحرث الارض والاستعداد لدورة فصلية أخرى.

اعتمد مهرجان الأكيتو في آشور القديمة أيضاً وذلك بعد تدمير بابل كما بنى الملك سنحاريب في عام 683 قبل الميلاد "بيت آكيتو" خارج أسوار آشور و تم بناء "بيت أكيتو" آخر خارج نينوى. وكان يتم الاحتفال بالمهرجان حتى الأول من نيسان والذي يقابل بداية التقويم الآشوري
و استمر مهرجان أكيتو طوال الفترة السلوقية وفي فترة الإمبراطورية الرومانية.

في بداية القرن الثالث ميلادي ظل الإحتفال في به حمص "إميسا" في سوريا تكريما لإله الشمس ايل جبال كما نقله الإمبراطور الروماني من اصل سوري Elagabalus (حكم 218-222) معه الى روما .

أكيتو بريخو ....... أكيتو مبارك....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق