الاثنين، 7 مايو 2018





**عيد الفصح - نظرة لغوية تاريخية ميثولوجية ***

* أمجد سيجري 

عيد الفصح :

كلمة الفصح وهي من الجذر الأرامي پسخا أو فسخا او فشخا لان الباء P والفاء متبادلين والسين والشين كذلك פסחא (Paskha ) وهي تعني العبور ولا نزال حتى اليوم نستخدم هذه الكلمة بالعامية السورية فشخ او فسخ بمعنى " خطوة كبيرة تقارب القفز " مثل " فشخ من فوق الجورة " انتقلت من الأرامية لبقية لغات العالم فنجد :

- في العبريةפֶּסַח ( Pesach) پسخ ، پسخة
- في اليونانية Πάσχα بسخا ومنها للاتينية الأم فنجد :
- في اللاتينية Pascha
- الإسبانية Pascua
- الإيطالية Pasqua
- الفرنسية Pâques
باستثناء اللغة الإنكليزية نجد :
- الإنكليزية الحديثة Easter ايستر
- الألمانية Ostern اوستر .

من المميز في اللغة الإنجليزية الحديثة والألمانية نطق الكلمة والشكل العام لكلمة الفصح اي "ايستر" ، " اوستر" المخالف للاتينية .
- اغلب الاراء أن اسم عيد الفصح باللغة الإنكليزية القديمة والالمانية أخذ اسمه من Eostre أو Ostara وهي ألهة جرمانية ضمن الثقافة الشعبية الجرمانية والساكسونية كانت الهةً لضوء الفجر المشع والتي كان قدومها يجلب معه الفرح والبركة للمجتمع وفي الثقافة الشعبية الألمانية يطلقون لفظ ostermonat على شهر نيسان وتم ربطها بالربيع لذلك يعتبر العالم الالماني (جاكوب غريم Jacob Grimm 1835) إن فكرة القيامة كانت جزءًا لا يتجزأ من الاحتفال بالآلهة أوستارا: "Ostara ، Eástre فالربيع هو نوع من القيامة بعد الموت الشتوي ، يحمل معه الأرض إلى الحياة .

لكن الراهب الأسكتلندي ألكسندر هيسلوب Alexander Hislop 1853 كان له راي اخر والذي سبق أن تعرفنا عليه في" كتاب البابليان The Two Babylons" في مقالة سميراميس فيرى، ان كلمة الفصح الإنكليزية Easter هي من Eesh-tar عشتار ، إيشتار"
لكن فكرة الاسم هذه ليست مدعوة من قبل علماء اللغويات لكن اذا كان الاسم غير مدعوم لكن الفكرة العامة للفصح المتمثلة بالخلاص والقيامة مدعومة وبقوة من الاديان السورية القديمة التي تحتفل بالربيع وهذه الإحتفالات بقيت متأصلة في تراث المجتمع السوري حتى اليوم كما في احتفال الرابع الذي يتم احتفالاً بعودة الربيع والخضرة في دورة جديد للمجتمع الزراعي السوري .

اخذ اليهود فكرة الإحتفال بالربيع بعيد الفصح من عيد الربيع السوري اكيتو وجعلوه إحتفالاً بالخلاص العبري عند الخروج من مصر عبر " الفشخ" اي العبور حسب الرواية التوراتية وتابعت المسيحية هذا الإحتفال بجعله يوم القيامة اي خلاص البشرية على يد المخلص والذي يضحي بنفسه كحمل للرب فداء للبشر ثم يقوم من بين الاموات.
وكما يعلم من يتابعني فقد اوضحت هذه الخاصية المتعلقة بالخلاص والقيامة في الميثولوجية السورية في عدد من مقالاتي فالفصح هو في الأصل الاحتفال بعشتار او عشتروت وحبيبها تموز و تموز : عبارة الإله الراعي المسؤول عن النمو والنبات الذي يقوم من بين الأموات ليحمل الخضرة والخلاص معه للمجتمع الزراعي .
اما عشتار : فقدد كانت الهة الخصوبة والجنس والحب و الحرب والأم احياناً وقد كانت ترتبط بالزواج المقدس والذي يحمل معه الخصوبة للنساء و الأرض وكما نعرف كان كل عام في احتفالات الإكيتو تعاد مسرحية الزواج المقدس بين عشتار وتموز ويجسدها الملك وأكبر كاهنة من كاهنات معبد عشتار.

الفصح المسيحي :
في العهد الجديد الكتاب المقدس المسيحي عاد يسوع إلى القدس بعد أربعين يوماً أمضاها في البرية قُبيل عيد الفصح وهو سبب الصوم الكبير الذي يقوم به المسيحيون قبل الفصح ومدته 40 يوماً .
ووفقاً للعهد الجديد (يوحنا 19) قُتل يسوع في اليوم الذي سبق الليلة الأولى من عيد الفصح اليهودي في نفس الوقت الذي تم فيه ذبح خروف الفصح كتقليد يهودي في عيد الفصح لهذا يعتبر يسوع حمل الله .

- كان المسيحييون الاوائل يحتفلون بعيد الفصح بالتزامن مع الفصح اليهودي حتى عقد مجمع نيقية 325 م الذي أقر ﺃﻥ ﻋﻴﺪ ﺍﻟﻔﺼﺢ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻷﺣﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﻲ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ بالتالي بعتمد على معياريين شمسي 21 آذار و قمري يوم 14 من الشهر القمري ونحن نعلم ان السنة القمرية أقل من السنة الشمسية ب 11 يوم لذلك يختلف حسابه كل عام :
- الفصح الشرقي اليولياني يقع بالفترة الممتدة بين ( 4نيسان و 8 أيار )
- الفصح الغربي الغريغوري يقع بالفترة الممتدة بين (22 أذار - 25 نيسان )

- من الرموز الشائعة لعيد الفصح المسيحي هي البيضة والارنب وكما نرى ان هذه الرموز ليس لها علاقة بالقيامة لكن هي رموز لها دلالات جنسية تتعلق بالخصوبة فالبيضة هي بذرة للحياة والارنب رمز مشهور في للتكاثر والقوة الجنسية.
لمحة تاريخية :
بعد أن قرر الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول إضفاء الطابع المسيحي على الإمبراطورية الرومانية في مجمع نيقية سنة 325 م تم تبني عيد الربيع السوري ودمج مدلوله الفلسفي في الديانة المسيحية المتعلقة بقيامة يسوع والخلاص ونحن نعلم انه فيما سبق قد قام الإمبراطور السوري إيل جبل خلال حكمه لروما نقل عبادة إله الشمس السوري إيل جبل اليها ومعها نقل معه إحتفال الربيع " الأكيتو" الى روما وانتقلت معه معاني الخلاص والقيامة في هذا العيد.

بالإضافة لذلك قد قام بضم ضمن تقاليد الفصح الغربية الكثير من العناصر المختلفة من اديان المنطقة التي حكمتها الإمبراطورية الرومانية .

في الحقيقة كان الرومان القدماء في غاية الدهاء و الذكاء فقبل دخول الإمبراطورية الرومانية المسيحية كانوا يدمجون ضمن ديانتهم الآلهة والإلهات من كل الاديان التي تقع تحت حكمهم في البانثيون الخاص بهم لينالوا القبول السياسي تحت شماعة الدين من قبل المحكومين تحت سيطرتهم و عندما أصبحت الإمبراطورية الرومانية مسيحية استمرت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في فعل الشيء نفسه ، بطريقة حديثة نوعاً ما وذلك بتبني المناسبات العامة لبقية الأديان الوثنية بالإضافة لدمج صفات ألهة تلك الديانات في الخصائص العامة للإله المسيحي المتمثل بيسوع عبر أقنوم الإبن فلا نستغرب وجود صفات حورس ، اوزوريس ، تموز ، بعل ، ادونيس ، ميثرا ، ديونسيوس، ....الخ في يسوع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق